بسم الله الرحمن الرحيم
من مواعظ الرسول - صلى الله عليه وسلم – في أهوال الحشر و القبور
و فصل في تنبيه الغافلين
في المسند عن البراء بن عازب قال: "بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بصر بجماعة فقال: على ما اجتمع هؤلاء؟ قيل: على قبر يحفرونه ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدر بين يدي أصحابه مسرعا حتى انتهي إلى القبر فجثا على ركبتيه فاستقبلته بين يديه لأنظر ما يصنع فبكى حتى بل الثرى من دموعه ثم أقبل علينا فقال: أي إخواني لمثل هذا اليوم فأعدوا"
وفي المسند من حديث بريدة قال: "خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فنادى ثلاث مرات يا أيها الناس أتدرون ما مثلي ومثلكم قالوا: الله ورسوله أعلم فقال: إنما مثلي ومثلكم مثل قوم خافوا عدوا يأتيهم فبعثوا رجلا يتراءى لهم فأبصر العدو فأقبل لينذرهم وخشي أن يدركه العدو قبل أن ينذر قومه فأهوى بثوبه أيها الناس أُتيتم أيها الناس أُتيتم ثلاث مرات"
وفي صحيح مسلم من حديث جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل ما أسكر حرام وإن على الله عز وجل عهدا لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال قيل: وما طينة الخبال قال: عرق أهل النار أو عصارة أهل النار"
وفي المسند أيضا من حديث أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أرى ما لا ترون وأسمع مالا تسمعون أطَّت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وعليه ملك يسبح الله ساجدا لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا و لبكيتم كثيرا وما تلذذتم بالنساء على الفرش و لخرجتم إلى الصعدات تجاورن إلى الله تعالى" قال أبو ذر: والله لوددت أني شجرة تعضد
وفي المسند أيضا من حديث حذيفة قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فلما انتهينا إلى القبر قعد على ساقيه فجعل يردد بصره فيه ثم قال: يضغط المؤمن فيه ضغطة تزول منها حمائله ويملأ على الكافر نارا" والحمائل: عروق الأنثيين.
وفي المسند أيضا من حديث جابر قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن معاذ حين توفى فلما صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع في قبره وسوى عليه سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبحنا طويلا ثم كبر فكبرنا فقيل: يا رسول الله لما سبحت؟ ثم كبرت فقال: لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره حتى فرج الله عنه"
وفي صحيح البخاري من حديث أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت قدموني قدموني وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها أين تذهبون بها يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ولو سمعها الإنسان لصعق"
وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تدنوا الشمس يوم القيامة على قدر ميل ويزاد في حرها كذا وكذا تغلي منها الرؤوس كما تغلي القدور يغرقون فيها على قدر خطاياهم منهم من يبلغ إلى كعبه ومنهم من يبلغ إلى ساقيه ومنهم من يبلغ إلى وسطه ومنهم من يلجمه العرق"
وفيه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كيف أنعم وصاحب
القرن قد التقم القرن وحتى جبهته يسمع متى يؤمر فينفخ فقال أصحابه: كيف نقول؟ قال: "قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا"
وفي المسند أيضا عن ابن عمر يرفعه: "من تعظم في نفسه أو اختال في مشيته لقى الله تبارك وتعالى وهو عليه غضبان"
وفي الصحيحين عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المصورين يعذبون يوم القيامة ويقال لهم: احيوا ما خلقتم"
وفيه أيضا عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله عز وجل يوم القيامة"
و فيهما أيضا عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا صار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار جيء بالموت حتى يوقف بين الجنة والنار ثم يذبح ثم ينادى مناد يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم"
وفي المسند عنه قال: "من اشترى ثوبا بعشرة دراهم فيها درهم حرام لم يقبل الله له صلاة مادام عليه" ثم أدخل أصبعيه في أذنيه ثم قال: صمتا إن لم أكن سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقوله
وفيه عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ترك الصلاة سكرا مرة واحدة فكأنما كانت له الدنيا وما عليها فسلبها ومن ترك الصلاة سكرا أربع مرات كان حقا على الله أن يسقيه طينة الخبال قيل: وما طينة الخبال يا رسول الله: قال: عصارة أهل جهنم"
وفيه أيضا عنه مرفوعا: "من شرب الخمر شربة لم تقبل له صلاة أربعين صباحا فإن تاب تاب الله عليه فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة قال فإن عاد كان حقا على الله أن يسقيه من ردغة الخبال يوم القيامة"
وفي المسند أيضا من حديث أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مات مدمنا للخمر سقاه الله من نهر الغوطة قيل: وما نهر الغوطة؟ قال: نهر يجري من فروج المومسات يؤذي أهل النار ريح فروجهن"
وفيه أيضا عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات فأما عرضتان: فجدال ومعاذير وأما الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله"
وفي المسند أيضا من حديث بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه وضرب لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا كمثل قوم نزلوا أرض فلاة فحضر صنيع القوم فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود والرجل يجيء بالعود حتى جمعوا سوادا وأججوا نارا فأنضجوا ما قذفوا فيها"
وفي الصحيح من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يضرب الجسر على جهنم فأكون أول من يجوز ودعوى الرسول يومئذ اللهم سلم سلم و على حافتيه كلاليب مثل شوك السعدان تخطف الناس بأعمالهم فمنهم الموثق بعمله ومنهم المخردل ثم ينجوا حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يرحم ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله أمر الملائكة أن يخرجوهم فيعرفونه بعلامة آثار السجود وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود فيخرجونهم وقد امتحشوا فيصب عليهم من ماء يقال له: ماء الحياة فينبتون نبات الحبة في حميل المسيل"
وفي صحيح مسلم عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول الناس يقضى فيه يوم القيامة ثلاثة: رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمة فعرفها فقال: ما عملت فيها قال: قاتلت فيك حتى قتلت قال: كذبت ولكن قاتلت ليقال: هو جريء فقد قيل: ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها فقال: ما عملت فيها قال: تعلمت فيك العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن فقال: كذبت ولكنك تعلمت ليقال: هو عالم فقد قيل: وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل وسع الله عليه رزقه وأعطاه من أصناف المال كله فأتي به فعرفه نعمه فعرفها فقال: ما عملت فيها فقال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال: هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار وفي لفظ فهؤلاء أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة"
وسمعت شيخ الإسلام يقول: كما أن خير الناس الأنبياء فشر الناس من تشبه بهم يوهم أنه منهم وليس منهم فخير الناس بعدهم العلماء والشهداء والصديقون والمخلصون وشر الناس من تشبه بهم يوهم أنه منهم وليس منهم"
وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من كانت عنده لأخيه مظلمة في مال أو عرض فليأته فليستحلها منه قبل أن يؤخذ وليس عنده دينار ولا درهم فإن كانت له حسنات أخذ من حسناته فأعطيها هذا و إلا أخذ من سيئات هذا فطرحت عليه ثم طرح في النار"
وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن صلى الله عليه وسلم
قال: "من أخذ شبرا من الأرض بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين"
وفي الصحيحين عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ناركم هذه التي يوقد بنوا آدم جزء واحد من سبعين جزءا من نار جهنم قالوا: والله إن كانت لكافية قال: فإنها قد فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها"
وفي المسند عن معاذ قال: "أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تشرك بالله شيئا وإن قتلت أو حرقت ولا تعقنَّ والديك وان أمراك أن تخرج من أهلك ومالك ولا تتركن صلاة مكتوبة متعمدا فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله ولا تشربن خمرا فإنه رأس كل فاحشة وإياك والمعصية فإن المعصية تحل سخط الله"
والأحاديث في هذا الباب أضعاف أضعاف ما ذكرنا فلا ينبغي لمن تصح نفسه أن يتعامى عنها ويرسل نفسه في المعاصي ويتعلق بحسن الرجاء وحسن الظن.
قال أبو الوفاء بن عقيل احذره ولا تغتر به فإنه قطع اليد في ثلاثة دراهم وجلد الحد في مثل رأس الإبرة من الخمر وقد دخلت المرأة النار في هرّة واشتعلت الشملة نارا على من غلها وقد قتل شهيدا"
وقال الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب يرفعه قال: "دخل رجل الجنة في ذباب ودخل رجل النار في ذباب قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرّب له شيئا فقالوا لأحدهما: قرب قال: ليس عندي شيء قالوا: قرّب ولو ذبابا فقرب ذبابا فخلو سبيله فدخل النار وقالوا للآخر:
قرب قال: ما كنت لأقرب شيئا من دون الله عز وجل فضربوا عنقه فدخل الجنة"
وهذه الكلمة الواحدة يتكلم بها العبد يهوى بها في النار أبعد مابين المشرق والمغرب.
وربما اتكل بعض المغترين على ما يرى من نعم الله عليه في الدنيا وأنه لا يغير به ويظن أن ذلك من محبة الله له وأنه يعطيه في الآخرة أفضل من ذلك وهذا من الغرور.
قال الإمام أحمد: حدثنا يحي بن غيلان حدثنا رشدين بن سعد عن حرملة بن عمران النحبيبي عن عقبة بن مسلم عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رأيت الله عز وجل يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج "ثم تلى قوله عز وجل: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إذا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}
وقال بعض السلف: إذا رأيت الله عز وجل يتابع عليك نعمة وأنت مقيم على معاصيه فاحذره فإنما هو استدراج منه يستدرجك به وقد قال تعالى: {وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ}
وقد رد سبحانه على من يظن هذا الظن بقوله: {فَأَمَّا الأِنْسَانُ إذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ كُلاً} أي ليس كل من نعَّمتَه ووسعت عليه رزقه أكون قد أكرمته وليس كل من ابتليته وضيقت عليه رزقه أكون قد أهنته بل أبتلى هذا بالنعم وأكرم هذا بالابتلاء.
من مواعظ الرسول - صلى الله عليه وسلم – في أهوال الحشر و القبور
و فصل في تنبيه الغافلين
في المسند عن البراء بن عازب قال: "بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بصر بجماعة فقال: على ما اجتمع هؤلاء؟ قيل: على قبر يحفرونه ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدر بين يدي أصحابه مسرعا حتى انتهي إلى القبر فجثا على ركبتيه فاستقبلته بين يديه لأنظر ما يصنع فبكى حتى بل الثرى من دموعه ثم أقبل علينا فقال: أي إخواني لمثل هذا اليوم فأعدوا"
وفي المسند من حديث بريدة قال: "خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فنادى ثلاث مرات يا أيها الناس أتدرون ما مثلي ومثلكم قالوا: الله ورسوله أعلم فقال: إنما مثلي ومثلكم مثل قوم خافوا عدوا يأتيهم فبعثوا رجلا يتراءى لهم فأبصر العدو فأقبل لينذرهم وخشي أن يدركه العدو قبل أن ينذر قومه فأهوى بثوبه أيها الناس أُتيتم أيها الناس أُتيتم ثلاث مرات"
وفي صحيح مسلم من حديث جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل ما أسكر حرام وإن على الله عز وجل عهدا لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال قيل: وما طينة الخبال قال: عرق أهل النار أو عصارة أهل النار"
وفي المسند أيضا من حديث أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أرى ما لا ترون وأسمع مالا تسمعون أطَّت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وعليه ملك يسبح الله ساجدا لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا و لبكيتم كثيرا وما تلذذتم بالنساء على الفرش و لخرجتم إلى الصعدات تجاورن إلى الله تعالى" قال أبو ذر: والله لوددت أني شجرة تعضد
وفي المسند أيضا من حديث حذيفة قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فلما انتهينا إلى القبر قعد على ساقيه فجعل يردد بصره فيه ثم قال: يضغط المؤمن فيه ضغطة تزول منها حمائله ويملأ على الكافر نارا" والحمائل: عروق الأنثيين.
وفي المسند أيضا من حديث جابر قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن معاذ حين توفى فلما صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع في قبره وسوى عليه سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبحنا طويلا ثم كبر فكبرنا فقيل: يا رسول الله لما سبحت؟ ثم كبرت فقال: لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره حتى فرج الله عنه"
وفي صحيح البخاري من حديث أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت قدموني قدموني وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها أين تذهبون بها يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ولو سمعها الإنسان لصعق"
وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تدنوا الشمس يوم القيامة على قدر ميل ويزاد في حرها كذا وكذا تغلي منها الرؤوس كما تغلي القدور يغرقون فيها على قدر خطاياهم منهم من يبلغ إلى كعبه ومنهم من يبلغ إلى ساقيه ومنهم من يبلغ إلى وسطه ومنهم من يلجمه العرق"
وفيه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كيف أنعم وصاحب
القرن قد التقم القرن وحتى جبهته يسمع متى يؤمر فينفخ فقال أصحابه: كيف نقول؟ قال: "قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا"
وفي المسند أيضا عن ابن عمر يرفعه: "من تعظم في نفسه أو اختال في مشيته لقى الله تبارك وتعالى وهو عليه غضبان"
وفي الصحيحين عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المصورين يعذبون يوم القيامة ويقال لهم: احيوا ما خلقتم"
وفيه أيضا عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله عز وجل يوم القيامة"
و فيهما أيضا عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا صار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار جيء بالموت حتى يوقف بين الجنة والنار ثم يذبح ثم ينادى مناد يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم"
وفي المسند عنه قال: "من اشترى ثوبا بعشرة دراهم فيها درهم حرام لم يقبل الله له صلاة مادام عليه" ثم أدخل أصبعيه في أذنيه ثم قال: صمتا إن لم أكن سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقوله
وفيه عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ترك الصلاة سكرا مرة واحدة فكأنما كانت له الدنيا وما عليها فسلبها ومن ترك الصلاة سكرا أربع مرات كان حقا على الله أن يسقيه طينة الخبال قيل: وما طينة الخبال يا رسول الله: قال: عصارة أهل جهنم"
وفيه أيضا عنه مرفوعا: "من شرب الخمر شربة لم تقبل له صلاة أربعين صباحا فإن تاب تاب الله عليه فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة قال فإن عاد كان حقا على الله أن يسقيه من ردغة الخبال يوم القيامة"
وفي المسند أيضا من حديث أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مات مدمنا للخمر سقاه الله من نهر الغوطة قيل: وما نهر الغوطة؟ قال: نهر يجري من فروج المومسات يؤذي أهل النار ريح فروجهن"
وفيه أيضا عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات فأما عرضتان: فجدال ومعاذير وأما الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله"
وفي المسند أيضا من حديث بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه وضرب لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا كمثل قوم نزلوا أرض فلاة فحضر صنيع القوم فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود والرجل يجيء بالعود حتى جمعوا سوادا وأججوا نارا فأنضجوا ما قذفوا فيها"
وفي الصحيح من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يضرب الجسر على جهنم فأكون أول من يجوز ودعوى الرسول يومئذ اللهم سلم سلم و على حافتيه كلاليب مثل شوك السعدان تخطف الناس بأعمالهم فمنهم الموثق بعمله ومنهم المخردل ثم ينجوا حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يرحم ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله أمر الملائكة أن يخرجوهم فيعرفونه بعلامة آثار السجود وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود فيخرجونهم وقد امتحشوا فيصب عليهم من ماء يقال له: ماء الحياة فينبتون نبات الحبة في حميل المسيل"
وفي صحيح مسلم عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول الناس يقضى فيه يوم القيامة ثلاثة: رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمة فعرفها فقال: ما عملت فيها قال: قاتلت فيك حتى قتلت قال: كذبت ولكن قاتلت ليقال: هو جريء فقد قيل: ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها فقال: ما عملت فيها قال: تعلمت فيك العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن فقال: كذبت ولكنك تعلمت ليقال: هو عالم فقد قيل: وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل وسع الله عليه رزقه وأعطاه من أصناف المال كله فأتي به فعرفه نعمه فعرفها فقال: ما عملت فيها فقال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال: هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار وفي لفظ فهؤلاء أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة"
وسمعت شيخ الإسلام يقول: كما أن خير الناس الأنبياء فشر الناس من تشبه بهم يوهم أنه منهم وليس منهم فخير الناس بعدهم العلماء والشهداء والصديقون والمخلصون وشر الناس من تشبه بهم يوهم أنه منهم وليس منهم"
وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من كانت عنده لأخيه مظلمة في مال أو عرض فليأته فليستحلها منه قبل أن يؤخذ وليس عنده دينار ولا درهم فإن كانت له حسنات أخذ من حسناته فأعطيها هذا و إلا أخذ من سيئات هذا فطرحت عليه ثم طرح في النار"
وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن صلى الله عليه وسلم
قال: "من أخذ شبرا من الأرض بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين"
وفي الصحيحين عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ناركم هذه التي يوقد بنوا آدم جزء واحد من سبعين جزءا من نار جهنم قالوا: والله إن كانت لكافية قال: فإنها قد فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها"
وفي المسند عن معاذ قال: "أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تشرك بالله شيئا وإن قتلت أو حرقت ولا تعقنَّ والديك وان أمراك أن تخرج من أهلك ومالك ولا تتركن صلاة مكتوبة متعمدا فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله ولا تشربن خمرا فإنه رأس كل فاحشة وإياك والمعصية فإن المعصية تحل سخط الله"
والأحاديث في هذا الباب أضعاف أضعاف ما ذكرنا فلا ينبغي لمن تصح نفسه أن يتعامى عنها ويرسل نفسه في المعاصي ويتعلق بحسن الرجاء وحسن الظن.
قال أبو الوفاء بن عقيل احذره ولا تغتر به فإنه قطع اليد في ثلاثة دراهم وجلد الحد في مثل رأس الإبرة من الخمر وقد دخلت المرأة النار في هرّة واشتعلت الشملة نارا على من غلها وقد قتل شهيدا"
وقال الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب يرفعه قال: "دخل رجل الجنة في ذباب ودخل رجل النار في ذباب قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرّب له شيئا فقالوا لأحدهما: قرب قال: ليس عندي شيء قالوا: قرّب ولو ذبابا فقرب ذبابا فخلو سبيله فدخل النار وقالوا للآخر:
قرب قال: ما كنت لأقرب شيئا من دون الله عز وجل فضربوا عنقه فدخل الجنة"
وهذه الكلمة الواحدة يتكلم بها العبد يهوى بها في النار أبعد مابين المشرق والمغرب.
وربما اتكل بعض المغترين على ما يرى من نعم الله عليه في الدنيا وأنه لا يغير به ويظن أن ذلك من محبة الله له وأنه يعطيه في الآخرة أفضل من ذلك وهذا من الغرور.
قال الإمام أحمد: حدثنا يحي بن غيلان حدثنا رشدين بن سعد عن حرملة بن عمران النحبيبي عن عقبة بن مسلم عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رأيت الله عز وجل يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج "ثم تلى قوله عز وجل: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إذا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}
وقال بعض السلف: إذا رأيت الله عز وجل يتابع عليك نعمة وأنت مقيم على معاصيه فاحذره فإنما هو استدراج منه يستدرجك به وقد قال تعالى: {وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ}
وقد رد سبحانه على من يظن هذا الظن بقوله: {فَأَمَّا الأِنْسَانُ إذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ كُلاً} أي ليس كل من نعَّمتَه ووسعت عليه رزقه أكون قد أكرمته وليس كل من ابتليته وضيقت عليه رزقه أكون قد أهنته بل أبتلى هذا بالنعم وأكرم هذا بالابتلاء.